الأعراف فى دين الله

الأعراف فى دين الله

الأعراف فى دين الله
كلمة الأعراف مأخوذة من جذر عرف وقد ذكر هو ومشتقاته فيما بين أيدينا من كتاب الله كثيرا وسوف نقتصر على شىء واحد منه وهو كلمة الأعراف
أشهر معانى العرف هو :
العلم وهو الدين وهو الإسلام وقد أمر الله رسوله (ص) أن يأمر به الناسحيث قال :
"خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"
والعرف هو المعروف وهو الحق
ويطلق العرف عند الناس حاليا على ما يقوم به السادة والكبار من الحكم بين الناس وهو فى الغالب حكم بما لم يحكم به الله وقد سماه بعض أهل الفقه :
حكومة عدل وقد قصروه على ما لم يرد فيه نص فى زعمهم مع أن وحى الله بين أنه لم يترك شىء إلا حكم الله فيه حيث قال :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "
وقال :
" ما فرطنا فى الكتاب من شىء "
ويطلق العرف على عوارف أو أعراف أو معارف الطيور والحيوانات وأشهرها عرف الديك وعرف الفرس أو الحصان وهو غضروف أو شعر ينبت فى رأسه مقسما إياه إلى يمين وشمال
والأعراف ورد لها فى تفاسير المفسرين عدة تفسيرات منها :
الأول:
السور الذي بين الجنة والنار وهي جمع عرف وهو اسم للمكان المرتفع ومنه عرف الديك لارتفاعه على ما سواه من جسده
الثانى :
قال مجاهد الأعراف: حجاب بين الجنة والنار
الثالث :
قال ابن عباس أيضا هو تل بين الجنة والنار
الرابع:
ذكر الزهراوي حديثا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أن احدا جبل يحبنا ونحبه وأنه يوم القيامة يمثل بين الجنة والنار يحتبس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم هم إن شاء الله من أهل الجنة
والحق أن الأعراف هى :
الأسوار الممتدة بين الجنة والنار ونظرا لطوله وتعدد مواضعه سمى أعراف جمع عرف وهو الحجاب وهو الفاصل بين أهل اليمين وأهل الشمال وهم أهل الجنة وأهل النار
والسور مكان متسع لوقوف البعض عليه يفصل بين الجنة والنار وإليه يصعد بعض أهل الجنة ليطلعوا على أصحابهم وهم القرناء الكفار الذين كانوا يأمرونهم بالكفر بالبعث وعندما يشاهد كل واحد قرينه أو صاحبه المنكر يقول تالله إن كدت لتردين والمقصود إن أردت لتدخلنى النارولوى نعمى ربى وهى وجى ربى الذى صدقت له لكنت من المحضرين وهم المعذبين
وفى المعنى قال سبحانه :
" قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57)"
أهل الأعراف :
وأما أهل الأعراف فقد اختلف الناس فيمن هم فقيلت فيهم الأقوال التالية ويجوز وجود غيرها في كتب تفسير أخرى غير ما اطلعت عليه منها:
الأول :
نسبوا إلى حذيفة وابن عباس القول :
هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته وهم آخر من يدخل الجنة
ونسبوا إلى ابن مسعود أنه قال:
يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار ثم قرأ قوله ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) ثم قال إن الميزان يخف بمثقال حبة أو يرجح قال من استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار
الثانى:
(عَلَى الْأَعْرافِ) تعريف أول بأصحاب الأعراف، فإنها أعراف متعالية بين أصحاب الجنة وأصحاب النار، لا يحق أن يكون عليها إلّا الحاكمون عليهما المتكلمون بفصل القضاء فيهما من قبل الله، فكيف يكونون هم الأدنون المرجون لأمر الله.
الثالث :
ونسبوا إلى شرحبيل بن سعد أنه قال :
أصحاب الأعراف قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم ورواه مقاتل في تفسيره مرفوعا هم رجال غزوا في سبيل الله عصاة لآبائهم فقتلوا فأعتقوا من النار بقتلهم في سبيل الله وحبسوا عن الجنة بمعصية آبائهم فهم آخر من يدخل الجنة
الرابع :
روي عن مجاهد أنهم أقوام رضي عنهم أحد الأبوين دون الآخر يحبسون على الأعراف إلى أن يقضي الله بين الخلق ثم يدخلون الجنة
الخامس :
ونسبوا إلى عبد العزيز بن يحيى الكتاني أنه قال:
هم الذين ماتوا في الفترة ولم يبدلوا دينهم
السادس :
هم أطفال المشركين
السابع:
ونسبوا إلى الحسن أنه قال : هم أهل الفضل من المؤمنين علوا على الأعراف فيطلعون على أهل الجنة وأهل النار جميعا
الثامن
ونسبوا إلى أبو مجلز أنه قال :
هم ملائكة يعرفون أهل الجنة وأهل النار فقيل له يقول الله تعالى وَعَلَى الاْعْرَافِ رِجَالٌ وتزعم أنهم ملائكة فقال الملائكة ذكور لا إناث
التاسع:
إنهم الأنبياء عليهم السلام أجلسهم الله تعالى على أعالي ذلك السور تمييزاً لهم عن سائر أهل القيامة وإظهاراً لشرفهم وعلو مرتبتهم وأجلسهم على ذلك المكان العالي ليكونوا مشرفين على أهل الجنة وأهل النار مطلعين على أحوالهم ومقادير ثوابهم وعقابهم
العاشر :
قالوا إنهم هم الشهداء
والغريب فى كل تلك الأقوال هو أن الكل ترك الآيات وهى تفسر من هم أصحاب الأعراف وهى مخالفة تماما لكل الأقوال المذكورة التى نسبت إلى رجال من الصحابة والتابعين والأئمة فهم حسب الآيات قوم أقسموا على أن فلان وعلان ..... كفار لا يدخلون الجنة وقد أوقفهم الله على الأعراف ليعرفوا صدق كلامهم وهو دخول من حلفوا على دخولهم النار وفى هذا قال سبحانه :
"وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ (45) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)"
الآيات واضحة فى تعريف أصحاب الأعراف وهم من أقسموا أن بعض الناس الذين يعرفونهم كفار وهو قوله فى الآية الأخيرة " أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ"
وأصحاب الأعراف تحقق كلامهم وهو دخول من أقسموا على دخولهم النار فى قوله فى الآيات " وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ"