سلم أولويات الزيارة
 

سلم أولويات الزيارة
زيارة الأهل والأصحاب سواء فى الأعياد أو فى الأيام العادية لها درجات فهناك من تجب زيارتهم وهناك من لا تجب زيارتهم وإنما تستحب على حسب مقدرة أفنسان
من عقود كان السلم عند الآباء والأمهات سلما يبدأ بالجيران ذات اليمين وذات الشمال ثم ينتهى عند حد معين من الشارع على حد قول بعض الروايات ألا إن أربعين دارا جار وبعد ذلك تبدأ زيارة الأقارب الذين ليسوا بجيران ودوما كانت ما تبدأ بزيارة الأب والأم أو الجد والجدة ثم الاخوة والأخوات والأعمام والعمات والخالات والأخوال والأصحاب وبعد ذلك السفر إلى حيث الأقارب فى القرى والمدن
وفى العزب كانت الزيارة لكل من فى العزبة نظرا لكونها شارعين أو ثلاثة
هذا السلم اختفى الآن فحتى الجيران يكتفون بالتصافح فى الشارع أو عند المسجد أو بالقول كل سنة وأنت طيب وحتى زيارة الأقارب فى الداخل أو فى الخارج اصبحت عبء ثقيل نتيجة أن المرتبات أو المعاشات لا تكفى حتى لاطعام الأسرة فلو ذهب لكى يعطى أبناء أقاربه العيدية فسيفلس وبدلا من أن يطعم أولاده بقية الشهر لن يجد سوى القليل الذى لا يكفى أسبوعا ولو أرد السفر لبلد بعيد أو قريب ويأخذ معه هدية فسيرتد ذلك على أولاده
أصبحت العملية عبء ثقيل على معظمنا ممن لا يملكون إلا رواتبهم التى لا تكفيهم ومن ثم أصبح الكثير منا يجلس فى بيته ولا يخرج إلا للتعييد على قلة نادرة
اختلف الأمر مع اختفاء الفلاحة بالذات وتحول الناس إلى الوظائف ذات المرتبات والتى فى الغالب لا تكفى الأسرة
فى أيام الفلاحة كان الفلاح يخزن الدقيق للعام كله دقيق قمح ودقيق ذرة وعنده الجبن والسمن واللبن ويربى بعض الدجاج والبط ومن ثم لم يكن اطعام الضيوف بمشكلة فى وجود هذا الخزين فلقمة هنية تكفى مية كما يقال يخبر الخبز وغيره ويوضع الموجود ويأكل الجميع
الآن تغيرت الأحوال ولم يعد فى القرى فلاحين إلا القليل والباقى موظفين أو يعملون بأيديهم حرفا ونتيجة التكاثر وزعت الأفدنة على الورثة فأصبحت القراريط هى السمة السائدة وتحول الناس من ذلك الطعام الهنى إلى طعام أخر من قبل البعض الذين للأسف استقلوا أو استحقروا ما أكل الآباء والأمهات فتحولوا إلى أكل من نوعيات أخرى كاللحوم والدجاج مرتين أو ثلاث فى الأسبوع بعد أن كانوا لا يذوقون اللحم أو الدجاج إلا مرة فى الأسبوع أو فى الشهر على حسب مقدار دخل الأب
كانت هذه مقدمة لابد منها للحديث عن سلم الأولويات فى الزيارة وما هو المطلوب فى الزيارة
زيارة الأقارب من نوعية محددة هى الواجبة وهم حسب ذكرهم فى الآية :
" ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا"
الآباء وهم الأب والجد
الأمهات وهن الأم والجدة
الاخوة
الأخوات
الأعمام
العمات
الخالات
الأخوال
من ملك الإنسان مفاتحه والمقصود :
الأبناء من بنين وبنات
وأخيرا الأصدقاء وهم الأصحاب
هؤلاء هم الواجب زيارتهم فى العيد وفى غير العيد
والواجب ليس على الآتى من الخارج وهو الزائر وإنما الواجب على من داخل البيوت فليس الواجب أن تأتى بهدية وأنت قادم لبيت أقاربك أو أصحابك وإنما الواجب هو على من فى داخل البيت وهو عرض الطعام وهو الأكل على الزائر فإن أكل فلا ذنب عليه وإن لم يأكل فلا ذنب عليه
لا يجب فى الزيارة هدايا من قبل الزائر ولا يجب شىء كالعيدية أو اعطاء أطفال البيت نقود
ولكن ما هو الطعام الذى نقدمه فى بيوتنا للزائرين؟
الاجابة :
كل على حسب مقدرته المالية كما قال سبحانه :
"لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها"
ولذا قال فى الكفارة :
" من أوسط ما تطعمون أهليكم "
فالطعام الواجب هو طعام البيت العادى وليس طعام متكلف يؤدى لخراب ميزانية البيت وهو ما عرفه الناس عندما قالوا فى امثالهم :
الجودة بالموجودة
والمقصود لا تكلف نفسك فوق طاقتها لأن فوق الطاقة سيؤدى بك إلى مشاكل كالاستدانة أو التضييق على أهلك بقية الشهر لكى يكفى القليل الذى تبقى بعد النفقة التى لم يوجبها الله
فى الآية هنا تجب زيارة عشرة بيوت أو أكثر أو أقل على حسب موت أو حياة كل من ذكروا فى الاية و على حسب عدد كل منهم
بالطبع لم يذكر الله أبناء الأعمام والعمات وأبناء الخالات والأخوال وأبناء الاخوة وأبناء الأخوات وأبناء الأصدقاء وعدم الذكر معناه :
أن زيارتهم ليست واجبة أى مفروضة فرضا وإنما على حسب قدرة الإنسان فمن قدر على زيارتهم جميعا فبها ونعمت وإن زار البعض وترك البعض فأمر مقبول فبها وحسنت
إن توسيع الدائرة فى الزيارات يجلب المحبة ولكن أحيانا يجلب المتاعب ويتعارض مع ضيق الوقت خاصة عندما يتواجدون فى بلاد مختلفة السفر إليها كلها فى عدة أيام غير ممكن كما يتعارض مع قلة رزق الإنسان فإذا آتى الله الإنسان مالا كثيرا عليه بالزيارات والاهداء للكل
طبعا اخواتنا النساء خاصة الزوجات يجب عليهن ألا يكن سببا فى خراب بيوتهن بالضغط على الرجال لجلب الكعك والبسكوت والحلويات والمكسرات ولبس العيد الجديد واللحوم فى رمضان وفى العيد
هذه الأمور كلها ليست واجبة على الرجل فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها إن كان مع زوجك فسيجلبها من نفسه دون طلب وإن لم يكن معه فلا تضغطى عليه ليعصى الله لأن كل هذا سيأتى فوق رأسك ورأس العيال لأننا فى هذا الزمن لم نعد نجد من نستلف منه لأن معظمنا أصبح تحت خط الفقر الرجل سيكون فى حالة زهق وسوف يكثر شجاركم وقد تضطرينه إلى ما يغضب الله من السرقة والرشوة وما شابه
يا ليتنا ويا ليت نسائنا يفهمن قوله سبحانه :
" لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها"
الحياة ليست طعاما وشرابا من الغالى واللذيذ فقط وإنما فيها اللذة العظمى وهى طاعة ذكر الله التى تجعل قلوبنا مطمئنة كما قال سبحانه :
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب "
بالطبع فى زيارة ألأقارب التهادى ليس أمرا حتميا فليس واجبا كما ذهبت لزيارة أمك أو أبيك أو ابنتك المتزوجة أو ابنك المتزوج فى مكان أخر أو ...وإنما إن كان الله وسع عليك الرزق فأصبح لديك فائض من المال يزيد عن حاجات أسرتك فهنا يستحب لك أن توسع على غيرك من أقاربك وأصحابك كما قال سبحانه :
" لينفق ذو سعة من سعته "
ويا ليت نسائنا وبناتنا يفهمن أن ما كانت تفعله الجدات والأجداد من ارسال المواسم لبيوت الأبناء والبنات المتزوجات كان بسبب سعة الرزق ووجود الفلاحة فى البيوت وأما حاليا فلم يعد من الفلاحين إلا القليل ولم يعد أحد يملك الأفدنة الكثيرة أو يستأجر أو يشارك على الأفدنة الكثيرة ليزرع ويقلع لأن تلك الملكيات توزعت فأصبحت صغيرة فبدلا من الفدادين أصبحت بالقراريط فى الكثير من الأحوال
سياسة المواسم لا تناسب الأحوال الاقتصادية لمعظمنا حاليا ومن ثم على النساء ألا تضغط على الأزواج والآباء من أجل تلك السياسة التى سوف تخرب بيوت الزوجات على وجه الخصوص فكما سبق القول أن الله جعل النفقة على قدر غنانا وقدر فقرنا حيث قال :
"لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله"